كتب جاي كوكسن أن مرور تسعة أشهر على فرار بشار الأسد إلى روسيا أنهى عقودًا من حكم عائلته، وفتح الباب أمام حكومة جديدة بقيادة أحمد الشرع، القيادي السابق في صفوف المعارضة. وأوضح أن الإدارة الوليدة تواجه تحديات هائلة لإعادة بناء مؤسسات الدولة وإدارة التوترات بين المكونات الدينية والعرقية، بعد موجات عنف طالت الطائفتين العلوية والدرزية.
ذكر أتلانتيك كاونسل أن الشرع يسعى لإحياء الاقتصاد وتوحيد مؤسسات الدولة وضمان الأمن، لكن مسار التحول يتسم بالتعقيد والهشاشة. فوزراء جدد، كثير منهم من التكنوقراط وأصحاب خبرة في القطاع الخاص، يعملون لساعات طويلة بإمكانات محدودة لإعادة الخدمات الأساسية، بينما تظل الشرعية ضعيفة والانقسامات الداخلية قائمة، وسط تدخلات إقليمية ودولية تزيد المشهد صعوبة.
أوضح إبراهيم الأصيل أن المزاج العام في دمشق متوازن بين الحذر والأمل. ورأى أن الاستقرار يشكل شرطًا لاحتواء تنظيم داعش ومنع تفكك سوريا، غير أن استمرار دعم قوى أجنبية لفصائل متنافسة يعرقل هذا الهدف. وأضاف أن المفاوضات مع قوات سوريا الديمقراطية ما تزال متوترة بسبب انعدام الثقة المتبادل حول تقاسم السلطة وضمان الأمن، بينما تعزز الضربات الإسرائيلية شعورًا عامًا بالهشاشة. وأشار إلى أن الشارع السوري ما زال منقسمًا رغم محاولات الحكومة إظهار شمولية سياسية.
ركز التقرير على الاقتصاد حيث يسعى مسؤولو وزارة الاقتصاد إلى جذب المستثمرين عبر خريطة استثمارية ومشاريع صغيرة وكبيرة، مع التعويل على الشراكات بين القطاعين العام والخاص. غير أن غياب الشفافية، كما يشكو رجال أعمال محليون، يعرقل بناء بيئة استثمارية مستقرة وقادرة على استقطاب رأس المال الخارجي.
كتب جوناثان بانيكوف أن التحدي الأكثر إلحاحًا أمام حكومة الشرع يتمثل في توحيد المكونات الدينية والعرقية. وأوضح أن الدروز في الجنوب والعلويين في الساحل والأكراد في الشمال الشرقي والمسيحيين في مناطق متفرقة يبدون شكوكًا أو عداءً للحكومة الجديدة، لعدم اقتناعهم بقدرتها على حمايتهم أو ضمان صوت متساوٍ لهم. وأشار إلى أن دمشق قد تضطر للاختيار بين فرض مركزية قوية أو القبول بصيغة فيدرالية، محذرًا من أن إطالة أمد الخلاف قد يشعل عنفًا طائفيًا مستمرًا يهدد إعادة دمج سوريا في محيطها العربي والدولي.
طرح أليكس بليتساس رؤية مغايرة، داعيًا سوريا للانضمام إلى التحالف الدولي لهزيمة داعش. وأكد أن مشاركتها ستعزز التعددية عبر مواجهة المتشددين، وتفتح بابًا لتعاون استخباراتي وعسكري يعزز الأمن الداخلي ويطمئن المستثمرين. وأضاف أن الخطوة ستمنح دمشق فرصة لبناء ثقة مع إسرائيل والولايات المتحدة، وتوطيد شراكة مع القوى المحلية مثل الدروز وقوات سوريا الديمقراطية.
أما جيرشوم ساكس فرأى أن سوريا تحت قيادة الشرع تملك فرصة للتحول إلى قوة إيجابية إقليميًا إذا توفرت الإرادة والدعم الغربي. وأوضح أن الحكومة تسعى لإبعاد إيران عن الساحة السورية وتفكيك شبكات حزب الله، بالتوازي مع مفاوضات أمنية مع إسرائيل قد تفتح الطريق نحو تهدئة وربما تطبيع في المستقبل. ودعا الغرب إلى استغلال اللحظة عبر دعم أمني وعسكري، إلى جانب استثمارات اقتصادية في قطاعات البنية التحتية والطاقة والتكنولوجيا.
لفت ساكس إلى أن رفع العقوبات الأمريكية في يونيو منح فرصة أولية، لكن النجاح يتطلب تعاونًا أوسع لبناء الثقة وإيجاد صيغة سياسية تحمي حقوق الأقليات وتمنع تكرار أحداث السويداء الدموية في يوليو. وأكد أن شراكة الغرب مع دمشق يمكن أن تمنحها القدرة على تثبيت الاستقرار في الداخل وتوسيع التعاون في المنطقة، خاصة مع لبنان وإسرائيل.
اختتم التقرير بالتأكيد أن الانتقال السوري ما يزال هشًا وغير منظم، لكنه يمثل نافذة نادرة لإعادة بناء المؤسسات وإعادة رسم التوازن السياسي. واعتبر أن نجاح الشرع يتوقف على قدرته في كسب ثقة الأقليات، تعزيز الأمن، وجذب الاستثمارات، بينما يظل الدعم الدولي عاملًا حاسمًا لتحديد ما إذا كانت سوريا ستتجه نحو الاستقرار أو تعود إلى دوامة الانقسام والعنف.
https://www.atlanticcouncil.org/blogs/new-atlanticist/damascus-the-state-of-syrias-postwar-transition-nine-months-after-assads-fall/